(3693) - قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي، وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن خعشم: أن أباه أخبره: أنه سمع سراقة بن خعشم يقول:
جاءنا رسل كفار قريش، يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، دية كل واحد منهما، لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس بني مدلج، أقبل رجل منهم، حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال يا سراقة: إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل، أراها محمدا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانا وفلانا، انطلقوا بأعيينا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة، فتحبسها علي، وأخذت رمحي، فخرجت به من ظهر البيت، فحططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي، حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها: أضرهم أم لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي، وعصيت الأزلام، تقرب بي حتى سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة، إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم، أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضوا عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني ولم يسألاني، إلا أن قال: (أخف عنا). فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3694) - قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير: أن رسول اله صلى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين، كانوا تجارا قافلين من الشأم، فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم، لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا، فطفق من جاء من الأنصار - ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم - يحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ركب راحلته، فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربدا للتمر، لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته: (هذا إن شاء الله المنزل). ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا: لا، بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى رسول الله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدا، وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول، وهو ينقل اللبن: (هذا الحمال لا حمال خيبر، هذا أبر ربنا وأطهر. ويقول: اللهم إن الأجر أجر الآخره، فارحم الأنصار والمهاجره). فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي.
قال ابن شهاب: ولم يبلغنا في الأحاديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت.
[464]
3695 - حدثنا عبد الله بن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة: حدثنا هشام، عن أبيه، وفاطمة، عن أسماء رضي الله عنها: صنعت سفرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، حين أرادا المدينة، فقلت لأبي: ما أجد شيئا أربطه إلا نطاقي، قال: فشقيه، ففعلت، فسميت ذات النطاقين.
قال ابن عباس: أسماء ذات النطاق.
[2817]
3696 - حدثنا محمد بن بشار: حدثنا غندر: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء رضي الله عنه قال: لما أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تبعه سراقة بن مالك بن جعشم، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فساخت به فرسه، قال: ادع الله لي ولا أضرك، فدعا له، قال: فعطش رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر براع، قال أبو بكر: فأخذت قدحا فحلبت فيه كثبة من لبن، فأتيته فشرب حتى رضيت.
[2307]
3697 - حدثني زكرياء بن يحيى، عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء رضي الله عنها: أنها حملت بعبد الله بن الزبير، قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة فنزلت بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بتمرة، ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود في الإسلام.
تابعه خالد بن مخلد، عن علي بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن أسماء رضي الله عنها: أنها هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى.
[5152]
3698 - حدثنا قتيبة، عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير، أتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم تمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه، فأول ما دخل في بطنه ريق النبي صلى الله عليه وسلم.
3699 - حدثنا محمد: حدثنا عبد الصمد: حدثنا أبي: حدثنا عبد العزيز بن صهيب: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف، ونبي الله شاب لا يعرف، قال: فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يديك، فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل. قال: فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق، وإنما يعني سبيل الخير. فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا. فالتفت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: (اللهم اصرعه). فصرعه الفرس، ثم قامت تحمحم، فقال: يا نبي الله، مرني بما شئت، قال: (فقف مكانك، لا تتركن أحدا يلحق بنا). قال: فكان أول النهار جاهدا على نبي الله صلى الله عليه وسلم، وكان آخر النهار مسلحة له، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم جانب الحرة، ثم بعث إلى الأنصار فجاؤوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فسلموا عليهما، وقالوا: اركبا آمنين مطاعين. فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وحفوا دونهما بالسلاح، فقيل في المدينة: جاء نبي الله، جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم، فأشرفوا ينظرون ويقولون: جاء نبي الله، جاء نبي الله، فأقبل يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب، فإنه ليحدث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام، وهو في نخل لأهله يخترف لهم، فعجل أن يضع الذي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى أهله. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (أي بيوت أهلنا أقرب). فقال أبو أيوب: أنا يا نبي الله، هذه داري وهذا بابي، قال: (فانطلق فهيئ لنا مقيلا). قال: قوما على بركة الله، فلما جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله، وأنك جئت بحق، وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا في ما ليس في. فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا فدخلوا عليه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر اليهود، ويلكم، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أني رسول الله حقا، وأني جئتكم بحق، فأسلموا). قالوا: ما نعلمه، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم، قالها ثلاث مرار، قال: (فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام). قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: (أفرأيتم إن أسلم). قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم، قال: (أفرأيتم إن أسلم). قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم، قال: (أفرأيتم إن أسلم). قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم، قال: (يا ابن سلام اخرج عليهم). فخرج فقال: يا معشر اليهود اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق. فقالوا: كذبت، فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[3151]